12/14/2011

يوميات قروي ..1..


لا أعرف كيف ولا من أين ابدأ بالحديث عن ذاك الصديق "الممتع". ذلك الصديق الذي ربطني به القدر في رحلة شبابية الى دبي، والتي سأروي تفاصيلها على عدة أجزاء. أقولها وبكل صدق وأمانة أن تلك الرحلة من اروع ما مر علي في حياتي لما تخللها من مواقف لا تنسى،،

قبل أن ابدأ بسرد الأحداث أفضل أن يكون القارئ على دراية ببعض التفاصيل عن ذلك الصديق..

بطل هذه الأحداث يدعى "حمدان" ويبلغ من العمر عتيا. حمدان خرج من بيئة بدوية بحته حيث توجد بها المحرمات الثلاثة, والتي تتمحور حول: اسم الأم والأخوات، لبس البنطلون او الجينز و اخيراً حلق او حتى مس الشارب.
كان حمدان يتميز بالرجوله الزائده "الزائفة" التي طالما أودت بمستقبل هذا الشاب للهلاك.
وأعلم عزيزي القارئ عندما يضرب حمدان يده على صدره أن الأمور محلوله مهما بلغت صعوبتها ومخاطرها.

(بداية القصة)
عند أول محطة لهذه السفرة, كنا في المطار في انتظار الرحلة. و بينما نحن كذلك, سمعنا نداء الخطوط الجوية السعودية عن بدء صعود ركابها والمتجهة إلى دبي. توجهت إلى مقعدي والذي كان بجانب النافذة و جلس بجانبي حمدان.

 لا أنسى ذلك المنظر "البريء" لحمدان، كانت علامات الدهشة و الانبهار تطغى على ملامح وجهه لما وصلت إليه الحضارة الإنسانية من تطور. (كانت هذه الرحلة الأولى له بالطائرة و خارج الوطن).

 
أقلعت الطائرة بحمد الله وكان واضاحاً للعيان انبهار حمدان لما حوله. بعد مده تغيرت تعابير الدهشة والإنبهار الى تعابير أجزم أني لا ولن استطيع وصفها. تلك التعابير التي لازمت وجه حمدان عندما رأى المضيفة مقبلة بالطعام.
علامات البهجه والسعاده على ذلك الوجه الذي اعتدت على أن يكون عبوسَ.
كان من الغريب رؤية وجه حمدان وهو يتهلل بالسرور عندما خاطبته المضيفة (الحسناء؟!) "رز أو معكرونة" و أنا لا أدري هل كان سر ذلك للوجبة أم لأمرٍ آخر.
وضعت المضيفة الطعام، أخرجت الشوكة والسكين أما حمدان "فشّمر" عن ساعده وبدأنا بالأكل.

كنت مستاءً جداً من العادات والتقاليد التي يتبعها ويؤمن بها حمدان، وكنت أفكر جدياً بتغيير تلك التقاليد "وعادات الحقبة الزمنية القديمة" التي لا يزال يتصرف بها.
أنتهيت من طعامي بسرعة وأنا كل خوف أن يتنبه حمدان إلى عدم وجود اللبن ضمن الوجبة المختارة. كنت أتخيل السيناريو المتوقع عندما يكتشف هذا النقص الأساسي في الوجبة. كنت اترقب يدا حمدان في كل لحظة أملاً لردعه إذا اقدم على فعل ما تساوريني شكوك به. انهى حمدان طعامه بسلام وكل الفضل يعود لجمال المضيفة التي سكنت قلبه وانسته اللبن وبنت عمه مزنه.

في هذا الأثناء قررت الإستماع للموسيقى فوضعت يدي بجيبي لأخرج جهاز الأيبود، فإذا بحمدان يباغتني بضربة على صدري ويقول " والله ما تحاسب " !!!!

,,,,,,,

بعد ساعتين من المعناة وصلنا بحمد لله الى دبي، انهينا كافة الإجرات وتوجهنا للفندق.
في الطريق كان الشباب يتحدثون عن دبي وما بلغت به من حضارة وتقدم في جميع الميادين. ولم يكن يخلو الحديث عن المقارنات ببلادي العزيزة وكيف لها ان تكون متأخرة عن مثيلاتها من الدول المجاورة في ظل وجود العديد من الثروات وافضل الكوادر.
التفت بطل هذه القصة وبنظرات ونبرةٍ حادة قال "اسكت لا تغيّب شمسك انت وياه".
بعد هذا الجملة اكتشفت العالم الأخر الذي كان يعيش فيه حمدان.

وصلنا للفندق، استلمت مفاتيح الغرف ووزعتها على الشباب وبسؤال بريء كعادته قال حمدان ما تكون هذه البطاقة ؟
رأيت من الأفضل أن ارافق صاحبنا لغرفته حيث انه لم يستوعب كيف لبطاقة بلاستيكية أن تكون بمفتاح. دخلنا للغرفة وكان يردد "ما شاء الله ما شاء الله وش هالزين" كان يتفحص أرجاء الغرفة مبدياً إعجابه بترتيبها ونظافتها.
ستائر الكترونية، تلفاز بشاشة مسطحة والفراش المريح (اعتاد حمدان النوم على الأرض مؤمناً أنه أفضل لظهر) سوف أعيش ملكاً!!!  قال بصوت يملئه الفرح.
هممت بالخروج من الغرفة فإذا به يصيح "لا لا لا حتى الميكرويف" ليفاجئني بأنه كان يقصد صندوق الأمانات !!! 

,,,,,,,
يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق